للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

بعد أن بين الله -سبحانه- جنايات اليهود في ماضيهم وحاضرهم، وفي جملتها تحريفهم لكتاب الله التوراة، من بعد ما عقلوه، عقَّب ذلك بذكر فريق جاهل منهم: تأَثر بتحريف أحبارهم، وضل بإضلالهم، وهم الأُميون فقال:

٧٨ - ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ … ﴾ الآية.

أي ومن هؤُلاء اليهود، عوام جهلة: لا يعرفون القراءَة ولا الكتابة، فلا يقرءُون التوراة، لا يتحققون مما فيها. ومدى علمهم بها أماني مدسوسة وأكاذيب باطلة، تلقوها عن رؤسائهم وأحبارهم، وعملوا بها تقليدًا لهم.

ومن هذه الأُمنيات والأكاذيب: أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم، وأَن الله يعفو عنهم ويرحمهم، وإن كفروا بمحمد- وأن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا، وأن النار لا تمسهم إلا أَياما معدودات، وأنهم صفوة الإنسانية، وشعب الله المختار لعمارة الأرض، وأَنهم أبناءُ الله وأخباوه، وأَن السيطرة على الناس لهم، وغير ذلك من الأماني التي تمنوها، فهؤُلاءِ- ضلوا، تبعًا لأضاليل أَحبارهم.

والاستثناءُ في قوله ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾: منقطع عن الكتاب وليس. متصلا به؛ لأَن أمانيهم الكاذبة المذكورة، لا توجد في كتابهم، فهي من اختراع أَحبارهم. فإلا بمعنى: لكن، أي: لكن يعتقدون أَماني فارغة: لا أصل ولا حقيقة لها.

﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾: أي وما هم إلا قوم يظنون، المراد من الظن هنا، الكذب أو التوهم، أَي: وما هم إلا قوم يكذبون أَو يتوهمون هذا، فلا علم عندهم بما يقولون، ولا دليل عليه، فأنى يرجى منهم الإيمان بالرسول وهم على هذه الاوهام، مغرورون بتلك الأماني! ثم أنذر الله -سبحانه- الأَحبار المحرفين للحق بالهلاك، فقال:

٧٩ - ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا … ﴾ الآية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>