للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى طلوع الشمس كما قيل. والسلوى: السُّمَانى أو طائر يشبهه. ﴿وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ﴾: الطغيان مجاوزة الحَدِّ، ويراد منه في الرزق تجاوز المأمور به في أكله.

﴿فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾: أَي يجب ويلزم. ﴿وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي﴾: أَي ينزل به، وفي المصباح حلَّ العذَاب يحُل بضم الحاءِ في المضارع وكسرها، أَي نزل. انتهى بتصرف.

[التفسير]

٨٠ - ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ … ﴾ الآية.

حكاية لِمَا خاطب الله سبحانه به بنى إِسرائيل بعد إِغراق عدوهم، لِتذكيرهم ببعض نعمه العظيمة، وَمِنَنِهِ الكبيرة التي توالت عليهم، حيث يقول جل شأْنه: ﴿قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ﴾ أي قد خلصناكم من أَسره وتعذيبه فيسرنا لكم الهجرة إلى سيناء برا وبحرا وحفظناكم من الغرق، وأَغرقنا فرعون وقومه جميعًا وأنتم تنظرون كما يقول تعالى: ﴿وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ (١). ثم بعد نزولكم سيناءَ قربناكم ﴿وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾: أَي وعدناكم أَن تأْتوا جانب الطور الأَيمن على لسان نبيكم موسى للمناجاة، حيث أَمرناه أن يأمركم بالخروج معه، ليكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام. وقيل: إِن الوعد كان لموسى، وخوطبوا به لأَنه كان لأَجلهم ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ (٢): أَي وقد أَنعمنا عليكم نعمة عظيمة اخرى، فأَطعمناكم طعامًا طيبًا مباركًا يسرناه لكم، وجعلناه في متناول يدكم حيث كان ينزل عليكم المن والسلوى، فيأْخذ كل منكم حاجته منهما بدون عناءٍ رعاية لكم في التيه، ورحمة بكم، وإحسانًا اليكم، ثم أمرهم أمر إِنعام بها وإباحة لتناولها فقال سبحانه:

٨١ - ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ .... ﴾ الآية.

المراد من الطيبات لذيذ الرزق الذي تستطيبه النفوس وتستحسنه الطباع السليمة، وقيل: طيبات الرزق ما أَحله الله منه نوعًا وكسَبا، ولقد عقب الله هذه المنة بنهيهم عن


(١) سورة البقرة، الآية: ٥٠
(٢) تقدم بيان المن والسلوى في المفر