للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعدًا ثابتا لا يتخلف، ليحاسبهم ويجزيهم على أعمالهم، ويكون بعد النَّفْخَةِ الثانية في الصور.

وجملة ﴿اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ معطوفة بالواو على جملة ﴿فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ وكلتاهما فعل الشرط. أَما جوابه فهو قوله: ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ كما تقدم بيانه. أَي: فإذا حال الذين كفروا وشأْنهم شخوص أَبصارهم، وفتحها على أَهوال القيامة بحيث لا تطرف ولا تغمض.

﴿يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾: أي يقولون من شدة الكرب في حسرة وندامة: يا هلاكنا قد كنا في دنيانا في غفلة عن هذا اليوم، وما فيه من الأَهوال الجسام، ولم ندر أَنَّه مصيرنا، ثم أَضربوا عن وصف أنفسهم بالغفلة، فقالوا: ﴿بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ لأَنفسنا حيث نبهتنا الآيات والنُّذُر فلم نتنبه للخطر المنتظر، وبقينا كافرين بالبعث والحساب فحق علينا قول ربنا بالخلود في العذاب المهين.

[المعنى الإجمالى للآيات السابقة]

ولكى يتضح معنى هذه الآيات الثلاث مجتمعة نجملها فيما يلى:

٩٥ - وممنوع على أَهل أَية قرية أهلكناها لكفر أَهلها وطغيانهم، ممنوع عليهم أَن يتخلفوا عن الرجوع إِلينا للحساب والجزاءِ. فلابد من رجوعهم إِلينا لذلك.

٩٦ - وتستمر هذه القرى المهلكة على ما هي عليه من الهلاك إلى وقت فتح أَبواب الشر من (يأْجوج ومأْجوج) (١) وخروجهم من كل مكان مرتفع يسرعون إلى العدوان في آخر الزمان.

٩٧ - واقترب بخروجهم تحقيق الوعد الحق بالبعث، إذ يهلك الله الخلائق ثم يبعثهم ويحشرهم إِلى ساحة الحساب حيث الأَهوال الجسام، فإذا أَبصار الكافرين الذين أَنكروا البعث شاخصة لا تطرف هلعا، يقولون من شدة الكرب: يا عذابنا الشديد الذي


(١) هذا اسم كنائى لأمة شديدة الجبروت تظهر آخر الزمان، غير التتار الذين احتجزهم ذو القرنين بسده، واجتاحوا السد في القرن الخامس عشر كما تقدم بيانه، وقد دل حديث مسلم على فتحه، راجع ما كتبناه في ص ١١٥٧ تحت عنوان: (سؤال هام وجوابه).