الخطاب في الآية لأَهل مكة، ومعلوم أَنهم كانوا مقيمين على عبادة الأَصنام والأَوثان، فالله ﷾ يخبرهم بأَن مصيرهم ومعبوداتهم النار، وهذا الحكم عام فيهم وفي كل من عبد غير الله على شاكلتهم، كالذين يعبدون الكواكب أو الأَشجار أَو نحوها.
أَما المعبودات العاقلة المؤْمنة فلا تدخل في هذا العموم؛ لأَن (ما) في قوله: ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ لما لا يعقل.
روى أَن رسول الله ﷺ حين تلا هذه الآية قال له ابن الزبعرى: خَصَمتُكَ وربِّ الكعبة: أَليست اليهود عبدوا عزيرا والنصارى المسيح، وبنو مليح الملائكة؟ فردَّ عليه بقوله ﷺ:"ما أَجهلك بلغة قومك أما فهمت أنَّ مَا لِمَا لَا يَعْقِلُ؟ ".
ولو جعل الخطاب عاما لم يدخل هؤلاء كما تقضى به أَدلة السمع والعقل، لبراءَتهم من الذنوب والمعاصي التي ارتكبها عابدوهم بتسويل شياطينهم، وسيأْتى النص على براءَتهم في الآية رقم (١٠١).
والحَصَبُ: ما تُرمَى به النار لتتقد به - من حَصَبه بكذا أَي: رماه به.
والمعنى: إِنكم يا أَهل مكة ومن على شاكلتكم ممن يعبدون غير الله يُرْمَى بكم وبمعبوداتكم في نار جهنم، أَنتم عليها واردون وفيها داخلون، فلا تعصمكم منها آلهتكم كما لا تعصم نفسها منها، فكيف تعبدونها؟
أَي: لو كان ما تعبدونه - يا أَهل مكة - من أَوثانكم آلهة، لما دخلوا النار واحترقوا بها، فإن الإله يحمى نفسه من العذاب، وكل من العابدين ومعبوداتهم في نار جهنم خالدين، لا فكاك لهم فيها، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.