﴿وَأَصْبَحَ﴾ هنا بمعنى: وصار، و ﴿بِالْأَمْسِ﴾ بمعنى: منذ زمان قريب، واستعماله بهذا المعنى مجاز مشهور، ومن المفسرين من حملهما على معناهما الحقيقي، ونحن نوثر المعنى الأول في تأْويل الآية؛ لما فيه من الاحتياط في تأْويلها، ولشموله للمعنى الثاني أيضًا.
ومعنى الآية: وصار الذي تمنوا منذ زمان قريب مثل ما أُوتي قارون من السعة والغنى يقولون: نَعجب ممَّا حدث لقارون، ونندم على تمنينا مثل ما أُوتى حقًّا إن الله يوسع الرزق لمن يشاء من عباده لا لِكرَامَة تقتضى البسط، ويضيقه على من يشاء، لا لهوان يقتضي التضييق، فهو الحكيم في قضائه وقدره، لولا أن منَّ الله علينا فلم يعطنا ما تمنينا لخسف بنا كقارون؛ لأن المال يغوينا كما أغواه، ويدمرنا كما دمره، نعجب مرة أُخرى من هذا العقاب، ونندم على تمنينا مثل يساره الذي فتنه، إنه لا يفلح الكافرون بنعم الله، المؤثرون لدنياهم على دينهم، المكذبون برسلهم ووعْدِهِم ووعيدهم، فهم الخاسرون النادمون.
هذه الجنة العظيمة الموجودة في الآخرة بنعيمها الدائم، وجمالها الباسم نجعلها ثوابًا للمؤمنين الصالحين الذين لا يريدون بنعم الله عليهم تعالِيًا على الناس، وسلطانًا فوقهم،