للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على لسان شُعيب - عليه السلاء - لأن الإيمان يستتبع خير الجزاء، فضلا عن أنه يطهر النفس من دناءة الطمع وسائر الخبائث ويحلِّيها بالقناعة وسائر الفضائل، ثم أثار فيهم الوازع النفسي بقوله:

﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾: ولست عليكم بالحفيظ الذي يملك منعكم من الوقوع في المحرمات، أو معناه: لست أَحفظ أعمالكم وأجازيكم عليها وإنما أنا ناصح لكم ومبلِّغ ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ (١). وقد بذلت الجهد وأَعذرت إذ أنذرت.

﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾

[المفردات]

﴿الْحَلِيمُ﴾: المتأفي الضابط لنفسه الذي لا يتعجل في الأمور مع القدرة والقوة.

﴿الرَّشِيدُ﴾: المتصف بحسن التدبير ودقة التقدير.

[التفسير]

٨٧ - ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾:

أي قال قوم شُعيب - ساخرين مستهزئين - ردًّا على دعوته إياهم إلى التوحيد والعدل في المعاملات أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا من الأوثان التي توارثنا عبادتها عن آبائنا، إننا ننكر عليك ذلك ولن نترك عبادتها، وإِنما خصُّوا الصَّلاة بالإنكار دون سائر أحكام النبوة التي دعاهم اليها لأنه كان كثير الصلاة معروفًا بذلك، ولأنهم يغمزونه في صلاته بأنها وسوسة خاصر، وليست وحيًا من السماء، وينكرون بهذا التهكم كل ما دعاهم إِليه من عبادة الله وحده وسائر الفضائل.

﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾:

هذا جواب منهم عن أمره لهم بإيفاء الكيل والوزن مبنى أيضًا على السخرية بما يأمرهم به.


(١) سورة المائدة من الآية: ٩٩