وجاءت كل نفس من نفوس الخلائق مؤمنهم وكافرهم، معها ملكان: أحدهما يسوقها إلى المحشر سوقًا مناسبًا لعمل المسوق، بحيث يكون برفق للمؤمنين، وبشدة للكافرين.
جاء في الحديث مرفوعًا عن جابر أَن أحدهما: ملك الحسنات، وثانيهما: ملك السيئات اللذين كانا يكتبان أعمال العباد في الدنيا، أخرجه أبو نعيم في الحلية، وقيل: غير ذلك فارجع إليه في المطولات إن شئت.
هذه الآية استئناف مبنى على سؤال مقدر نشأ مما قبلها، كأنه قيل: فماذا يكون بعد النفخ ومجئ كل نفس معها سائق وشهيد؟ فقيل: يقال للكافر الغافل إذا عاين الحقائق التي لم يصدق بها في الدنيا - من البعث وما بعده - يقال به: لقد كنت في غفلة من هذا الذي تعاينه، فكشفنا عنك الآن الحجاب الذي غطى عليك أمور المعاد، وهو الغفلة والانهماك في أمور الدنيا وحدها، فبصرك اليوم نافذ لزوال المانع للبصائر في الدنيا عن إدراك ما بعد الموت.