للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقد أخرج جماعة: أن صهيبًا أقبل مهاجرًا نحو النبي فاتبعه نفر من المشركين، فنزل عن راحلته نثر ما في كنانته، وأخذ قوسه ثم قال: يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلًا، وأيم الله، لا تصلون إليَّ حتى أَرمِيَ بما في كنانتي ثم أضربَ بسيفي ما بقي في يدي منه شيءٌ، ثم افعلوا ما شئتم، فقالوا دلنا على بيتك ومَالِكَ بمكة، ونخلي عنك، وعاهدوه إن دلهم أن يدعوه، ففعل. فلما قدم على النبي قال "أبا يحيى، ربحَ البيع" وتلا عليه الآية.

وعلى هذا يكون الشراءُ - على ظاهره - بمعنى الاشتراء.

وفي رواية سعيد بن المسيب : أن الذي قال له ذلك، هو أبو بكر الصديق، .

وأيًّا كان، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

ولذا أحسن من قال: إن الآية نزلت في كل من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وعرّض نفسه للهلاك.

وهذه الآية من قبيل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (١).

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩)

[المفردات]

﴿السِّلْمِ﴾: المسالمة، أو الإسلام. وهو: الإنقياد والتسليم.

﴿كَافَّةً﴾: جميعًا. ﴿زَلَلْتُمْ﴾ الزلل: الانحراف والسقوط.


(١) التوبة: ١١١