للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٢٨ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾:

تختم السورة بهذا النداء الكريم للذين آمنوا تأْمرهم بالتقوى، وتعدهم بمضاعفة الأَجر والنور الذي يهديهم ويحميهم من ظلمات الكفر والجهل، ويصلهم بالمغفرة والفضل.

والمعنى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا بالرسل المتقدمة اتقوا الله، وانتهوا عمَّا نهاكم عنه، واحفظوا أنفسكم من مهاوى الشرك ومهالك المعاصي، وادخلوا في طاعته، وأَخلصوا في عبادته، وآمنوا برسوله محمَّد يعطكم نصيبين من رحمته، نصيبًا لإيمانكم بأَنبيائكم، ونصيبًا لإيمانكم بمحمد وتصديقكم برسالته ودعوته التي نسخت الشرائع السابقة. فلم يبق وجه للإيمان بها وحدها بعد بعثته دون التصديق برسالة محمَّد ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ أي: يهيئ لكم نورًا تمشون به يوم القيامة حسبما نطق به قوله - تعالى -: ﴿يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ ويغفر لكم ويستر عليكم ما أسلفتم من الكفر، أو قدمتم من المعاصي، والله واسع المغفرة عظيم الرحمة.

وعن مجاهد: نورًا أي: بيانًا وهدًى، وقال ابن عباس: هو القرآن.

واستظهر أبو حيان كون الخطاب لمن آمن من أُمة محمَّد ، غير أهل الكتاب، والآثار تؤيد ذلك. أَخرج الطبراني في الأَوسط: عن ابن عباس وابن أَبي حاتم: عن سعيد ابن جبير، قالَا: إن أَربعين من أَصحاب النجاشى قدموا على النبي فشهدوا معه أُحدًا، فكانت فيهم جراحات، ولم يقتل منهم أَحد، فلما رأَوا ما بالمؤمنين من الحاجة، قالوا: يا رسول الله، إنا أهل ميسرة، فأْذن لنا نجِيء بأَموالنا نواسي بها المسلمين فأَنزل الله