تختم السورة بهذا النداء الكريم للذين آمنوا تأْمرهم بالتقوى، وتعدهم بمضاعفة الأَجر والنور الذي يهديهم ويحميهم من ظلمات الكفر والجهل، ويصلهم بالمغفرة والفضل.
والمعنى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا بالرسل المتقدمة اتقوا الله، وانتهوا عمَّا نهاكم عنه، واحفظوا أنفسكم من مهاوى الشرك ومهالك المعاصي، وادخلوا في طاعته، وأَخلصوا في عبادته، وآمنوا برسوله محمَّد ﷺ يعطكم نصيبين من رحمته، نصيبًا لإيمانكم بأَنبيائكم، ونصيبًا لإيمانكم بمحمد ﷺ وتصديقكم برسالته ودعوته التي نسخت الشرائع السابقة. فلم يبق وجه للإيمان بها وحدها بعد بعثته ﵊ دون التصديق برسالة محمَّد ﷺ ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ أي: يهيئ لكم نورًا تمشون به يوم القيامة حسبما نطق به قوله - تعالى -: ﴿يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ ويغفر لكم ويستر عليكم ما أسلفتم من الكفر، أو قدمتم من المعاصي، والله واسع المغفرة عظيم الرحمة.
وعن مجاهد: نورًا أي: بيانًا وهدًى، وقال ابن عباس: هو القرآن.
واستظهر أبو حيان كون الخطاب لمن آمن من أُمة محمَّد ﷺ، غير أهل الكتاب، والآثار تؤيد ذلك. أَخرج الطبراني في الأَوسط: عن ابن عباس وابن أَبي حاتم: عن سعيد ابن جبير، قالَا: إن أَربعين من أَصحاب النجاشى قدموا على النبي ﷺ فشهدوا معه أُحدًا، فكانت فيهم جراحات، ولم يقتل منهم أَحد، فلما رأَوا ما بالمؤمنين من الحاجة، قالوا: يا رسول الله، إنا أهل ميسرة، فأْذن لنا نجِيء بأَموالنا نواسي بها المسلمين فأَنزل الله