- تعالى - فيهم: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ .. ﴾ (١) إلى قوله - سبحانه: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ فجعل لهم أَجرين، فلما نزلت هذه الآية قالوا: يا معشر المسلمين، أما من آمن منا بكتابكم فله أجران، ومن لم يؤمن بكتابكم فله أَجر كأُجوركم، فأَنزل الله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ .. ﴾ الآية ردًّا عليهم، ومن لم يؤمن بكتابكم، فله أجر كأُجوركم.
وفي الكشاف أن قائل ذلك، من لم يكن آمن من أهل الكتاب، قالوه حين سمعوا تلك الآية يفخرون بها على المسلمين وعلى هذا فمعنى الآية: يا أيها الذين اتسموا بالإيمان اثبتوا على تقوى الله ﷿ فيما نهاكم عنه يؤتكم نصيبين من رحمته لإيمانكم بالرسالات المتقدمة عليكم، وتصديقكم لرسلها، وإيمانكم برسولكم محمَّد ﷺ كما فعل أهل الكتاب الذين آمنوا به، فأَنتم وهم سواء في الإِيمان بالرسل أَجمعين.
قال مجاهد: قالت اليهود: يوشك أَن يخرج منَّا نبي يقطع الأيدى والأرجل، فلما خرج من العرب كفروا به، والآية تتعلق بمضمون جملة قبلها على تقدير: إن تتقوا الله وتؤمنوا بوسوله ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾.
﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾:(لَا) هنا زائدة أَي: ليعلم الذين يؤمنوا بمحمد ﷺ من أهل الكتاب اليهود والنصارى أنهم لا يقدرون على شيءٍ من فضل الله تحصيلًا لأَنفسهم أو منعًا لغيرهم، رزقًا أو هداية، أَو مغفرة وفضلًا، وأن الفضل كل الفضل بيد الله وليس بأَيديهم حتى يصرفوه عمن شاءُوا إلى من شاءُوا، وأنه - تعالى - يختص بفضله من يشاءُ إذا شاءَ