بدأ الله هذه السورة بأمر المؤمنين في شخص نبيهم بتقوى الله وعدم طاعة الكافرين والمنافقين، وباتباع الوحي، والتوكل على الله - تعالى - وعقب ذلك ببيان أن الأزواج لا حق لهم في تحريم زوجاتهم كتحريم أُمهاتهم، وأن التبني غير مشروع في الإِسلام، وأن النبي ﷺ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجه أُمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض وأحق بالميراث من المهاجرين والأنصار، ناسخًا بذلك التوارث بالتآخي في الإِسلام بينهم في أول الهجرة، ثم بيَّن للمؤمنين فضله عليهم في الانتصار في غزوة الأحزاب، حيث أرسل على أعدائهم الأحزاب ريحًا وجنودًا لم يرها المسلمون، ففر الأحزاب منهزمين، وأنقذ المسلمين بذلك من حصارهم من فوقهم ببني قريظة، ومن أسفل منهم بالأحزاب، ونعى على المنافقين تخاذلهم ومعاذيرهم الكاذبة التي اخترعوها للفرار من المعركة، وأثنى على المؤمنين الصادقين الذين ثبتوا مع رسولهم في المعركة حتى جاء النصر من عند الله .. ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢٧)﴾ ثم أَتبع ذلك تخيير النبي لزوجاته، وأمر الله إياه بنصحهن، وختم ذلك بقوله - تعالى -: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (٣٤)﴾ ثم أتبع ذلك نصائح للمسلمين والمسلمات، وذكر قصة الخلاف التي وقعت بين زيد ابن حارثة وبين زوجته زينب بنت جحش، وانتهت بطلاق زيد لها وتزوج النبي ﷺ إياها، تأكيدًا لنسخ التبني وآثاره.