﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ﴾ الذي يسكنونه ﴿مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ المختلفة، بأن تجعل بقربه قرى تثمرها، أو أن تُيَسّر جلبها إليهم من الأقطار الشاسعة، وخص دعوته بالمؤمنين منهم بقوله:(من آمن منهم بالله واليوم الآخر) إظهارًا لشرف الإيمان وخطره، واهتمامًا بشأن أهله، ومراعاة لحسن الأدب، وإيذانًا بأنهم هم المستحقون لهذا الرزق، دون من كفر من أهل الكتاب والمشركين ﴿قَالَ﴾ الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ منهم ﴿فَأُمَتِّعُهُ﴾ زمانًا ﴿قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾ وألجئه إليه يوم القيامة فلا يستطيع الفكاك منه جزاء له على كفره.
والواو في ﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ عطف على جملة من كلام الله على جملة) من كلام إبراهيم ﵇ وهي ﴿مَنْ آمَنَ﴾ عطف تلقين، للإيجاز في القول.
وقد أرشدت الآية: إلى أن الله يرزق الكافر في الدنيا كما يرزق المؤمن، وإن كان المؤمن أهلًا لكل خير. فرزق الكافر لاستدراجه، ولو حرم الله الكافرين من التوسعة في الرزق في الدنيا وخص بها المؤمنين، لانساقوا إلى الإيمان قسرًا. وقد قضت حكمته - سبحانه - أن يكون الإيمان اختياريًا، حتى يتجه إليه الإنسان عن طريق النظر في آيات الله، التي يبصرها قوم ويعمى عنها آخرون. ووصف التمتع بالقلة، لأن مدة الدنيا قليلة بالنسبة إلى الآخرة، ولتعرض متعها إلى الزوال كل لحظة.