للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ﴾: العورة؛ الخلل، يقال: أَعورُ المكان، أَي: مخْتلُّه (١)، ورجل أَعور أي: مختل العين، أي: هي ثلاث أوقات يختل فيها تستركم. ﴿جُنَاحٌ﴾ أَي: حرج.

﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ﴾: أي؛ هم يطوفون عليكم في غير هذه الأوقات لقضاء مصالحكم، فَلا داعى لاستئذانهم منكم.

﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾: العجائز اللاتي قعدن عن الحيض والحمل أَو عن التصرف لكبر السن، ومفرده: قاعد، بدون هاءٍ، ليدل حذفها على أَنه قعود الكبر وهو من الصفات الخاصة بالنساء كالطالق والحائض. ﴿أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾: أي؛ يتخلين عن الثياب الظاهرة.

﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾: أي؛ غير مظهرات زينتهن ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ﴾: يطلبن العفة بالستر ﴿خَيْرٌ لَهُنَّ﴾: من التجرد من الثياب الخارجية الظاهرة لأنه أبعد عن التهمة.

[التفسير]

٥٨ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ﴾:

هذه الآية وما بعدها اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض، وما تقدم في أَول السورة كان بيانًا لاستئذان الأجانب بعضهم على بعض، وقد أَمر الله المؤمنين والمؤمنات (٢) في هذه الآية، أَن يستأْذنهم خدمهم مِما ملكت أَيمانهُم من العبيد والإماءِ وأَطفالُهم الذين لم يبلغوا الحلم. وكانوا مميزين في ثلاثة أحوال:

الأولى: من قبل صلاة الصبح، لأن الناس حينئذِ إِما نيام في فرشهم، وإِما قيام من مضاجعهم ليطرحوا ثياب النوم ويلبسوا ثياب اليقظة.

والحالة الثانية: حين يخلعون ثيابهم وقت الظهيرة للنوم.

والحالة الثالثة: بعد صلاة العشاء إلى الفجر، لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة ولبس ثياب النوم، والتساهل في كشف بعض أَجزاءِ الجسد، وقد يكون الرجل مع أَهله


(١) انظر البيضاوى.
(٢) فالخطاب في الآية وإن كان للرجال، إلا أن الحكم فيها عام لهم وللنساء، لأنهن شقائق الرجال في الأحكام إلا ما علم خصوصه بأحدهما.