والمراد به جنس النذير، فيشمل العقل والأنبياء وكتبهم، ويؤيده أنه قرئ:"وَجَاءَكُمُ النُّذُرُ" بصيغة الجمع.
وعن ابن عباس، وعكرمة، وسفيان بن عيينة، ووكيع، والحسين بن الفضل، والفراء، والطبرى: هو الشيب، وفي الأَثر:"ما من شعرة تهيض إلَّا قالت لأُختها: استعدى فقد قرب الموت".
﴿فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ الفاءُ في قوله: ﴿فَذُوقُوا﴾، لترتيب الأَمر بالذوق على ما قبلها من التعمير ومجئِ النذير، أَي: فذوقوا العذاب؛ لأَنه معد للظالمين أَمثالكم وليس لكم ناصر ولا معين، والمراد بالظلم هنا الكفر، وأَفادت الجملة استمرار نفي أن يكون لهم نصير يدفع عنهم العذاب.
أَي: أَنه - سبحانه - يعلم كل غيب في السموات والأَرض، فلا تخفى عليه أَحوالهم التي اقتضت الحكمة أَن يعاملوا بها هذه المعاملة ولا يخرجوا من النار، ولو أَجابهم وأَعادهم إلى الدنيا لعادوا لما نهاهم عنه: ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ تعليل لما قبله؛ لأَنه إذا علم مضمرات الصدور، وهي أخفى ما يكون، فقد علم ﷿ كل غيب في العالم.
﴿خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ﴾ أَي: جعلكم خلفًا بعد خلف، وقرنا بعد قرن، ترثون ما بأَيديهم من مال وجاه، والخلف: التالي للمتقدم، والخلائف: جمع خليفة، وهو مطرد في فعيلة.