للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي

وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾

[التفسير]

٤٠ - ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ﴾:

أَي ومن أُمة محمد من سيؤمن بالقرآن وما جاءَ به ويتخلى عن عناده بعد الإِحاطة بعلمه وظهور حقيقته، ومنهم من يصر على الكفر والعناد فلا يصدق به في نفسه كما لا يصدق به ظاهرًا، لفرط عناده وغباوته واختلال تمييزه، ويجوز أَن يكون المعنى: ومن هؤلاءِ المشركين من قومك من يصدق به في نفسه، ولكنه يكفر به عنادًا، ومنهم من لا يصدق به في نفسه لفرط جهله فيكفر به اعتقادًا.

﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ﴾: أَي وربك يا محمد أَعلم بأُولئك المفسدين في الأَرض بعقائدهم الزائفة وأعمالهم الفاسدة، وسوف يجازيهم بما يستحقون: وهذه الجملة وعيد للمصرين على الكفر مع وضوح البرهان.

٤١ - ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ...... ﴾ الآية.

أَي وإِن كذبك هؤلاءِ الكفار - مع علمهم بأَنك الصادق الأَمين - فقل لهم يا محمد: لي جزاءُ عَمَلى، ولكم جزاءُ عملكم، فلا أَحد منا يتحمل مسئولية عمل الآخر، ثم أَمر الله نبيه أَن يؤكد هذا المعنى بأَن يقول لهم:

﴿أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ﴾: فلا تتحملون مسئوليته ﴿وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾: فلست مسئولا عنه، ولعل هذه السياسة تترك أَثرًا حسنًا في نفوسهم، يتصاعد شيئًا فشيئًا حتى يستدنى