هذه الآية الكريمة من كتاب الله نداء من جملة النداءات التي تكررت في هذه السورة، وهيمنت على جوها، وتنوعت بها أساليب التنبيه، وألوان التحذير والتخويف، تذكر بالنعم وتحذر من وقوع النقم. كما في قوله - تعالى -: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا﴾.
كنا تحذر من الفتن المهلكة والعقوبات المدمرة التي وقعت بالأمم السابقة فأبادتها كما في قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ﴾.
أو تذكر بيوم القيامة وما يحتويه من أهوال وشدائد، كما في قوله: ﴿وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ﴾ أو تنبه الي أن الدنيا متاع سريع الزوال، وأن الآخرة هي دار الدوام والاستقرار. كما في قوله: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾.
كما تنعى على الكافرين والمشركين انتكاس الطبع، وسوء السلوك. إيقاظا لهم من سنة الغفلة، واهتمامًا بالمنادى، ومبالغة في توبيخهم على ما قابلوا به دعوته.
واقترن النداء في الآية بالعطف لأنه للموازنة بين الدعوتين: دعوته لهم إلى دين الله الذي ثمرته النجاة، ودعوتهم له إلى اتخاذ الأنداد الذي عاقبته النار، وذلك لتحقيق أنه هاد وأنهم مضلون، وأن ما عليه هو الهدى، وما هم عليه هو الضلال.