هذه الآية مستأْنفة لبيان حال الجبال عند قيام الساعة بعد ما سأَل السائلون رسول الله عنها، وهؤُلاءِ السائلون ممن ينكر البعث من قريش، فقد أَخرج ابن المنذر عن ابن جريج أَنهم قالوا على سبيل الاستهزاءِ كيف يفعل ربك بالجبال يوم القيامة، وقيل هم أُناس من المؤْمنين سأَلوا عنها على سبيل التعلم وطلب المعرفة.
والمعنى: ويسأَلك السائلون يا محمد عن حال الجبال يوم القيامة، أَتظل باقية على ما هي عليه، فقل مجيبا لهم، يجعلها الله كالرمل أَو التراب ثم يرسل عليها الريح فتذروها وتبعثرها. ولا تستعصى على من يقول للشئِ كن فيكون.
ولا يوجد في القرآن أَمر من الله للرسول مقرون بالفاء، يجيب به السائلين سوى ما هنا.
والسبب في هذا أَن الفاءَ للترتيب والتعقيب، وقد جئَ بها هنا للمسارعة إلى إزالة ما في ذهن السائل المشرك من بقاء الجبال تبعا لظنه عدم الحشر، أَو للمسارعة إلي تعليم السائل المؤمن حفظا لعقيدته مما يقوله المنكرون، وهذه خلاصة ما نقله الآلوسى عن الإِمام الرازى (١).
(١) ويرى القرطبي أن الفاء هنا في جواب شرط مقدر، أي فإن سألوك عن الجبال فقل، وقد علم الله أنهم سوف يسألونه عنها فأجابهم قبل السؤال، أما سائر ما في القرآن من أسئلتهم، فكان قد وجه إلى الرسول فعلا، فتميز جوابها بعدم ذكر الفاء.