﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ أي: وهم فوق لعنتهم في الدنيا، يوم القيامة من المطرودين المبعدين، أو من المهلكين المشوَّهين، فيجمع لهم بذلك خزى الدنيا وذل الآخرة، روى ابن عدى والطبراني عن ابن مسعود أنه ﷺ قال:"خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا وخلق فرعون في بطن أمه كافرا".
هذه الآية والآيات بعدها تشعر - بتصدرها بالقسم والتوكيد - بأنها بداية حديث عن موسى ﵇ مع أن السورة من أولها تحكى قصته، والذي يفهم من هذا الأسلوب - والله أعلم - أنه إثارة للانتباه بعد أن طال الكلام عن القصة، وتجديد للتشويق، ومدخل إلى التصديق برسالة سيدنا محمَّد ﵊ بما يخبر به من غيبيات في قصة موسى لم يكن شاهدها ولا علم له بها من قبل.
والمعنى: ولقد آتينا موسى التوراة، وأنزلناه مفصل الأحكام، من بعد ما أهلكنا القرون السابقة عليه من أقوام نوح وهود وصالح ولوط ﵈.
والتعرض لبيان كون إيتاءِ التوراة بعد إهلاك الأمم السابقة للإشعار بأنها نزلت بعد مساس الحاجة إليها، وضرورة نزولها لهداية الناس، وردهم إلى العبادة، وذلك تمهيد لما يعقبه من بيان الحاجة الملحة إلى إنزال القرآن الكريم على رسول الله ﷺ فإن إهلاك