فلن يقدروا عليكم، والمراد بالضرب فوق الأَعناق، ضربهم في أَعاليها سواء أَكان الضرب في الرقاب أَم في الرءوس، والمراد بضرب كل كان: أَن يضربوا أَصابعهم أَو أَطراف أَبدانهم، كالأيدى والأَرجل، فكل ذلك يطلق عليه كان، حقيقة أَو مجازا.
أَي ذلك الذي تقدم من الجمع بين ضرب الرقاب وضرب الأَطراف، حاصل بسبب أَنهم خالفوا الله ورسوله، ومن يخالف الله ورسوله ويتنكر لدينه، عاقبه الله فإِن الله شديد العقاب وقد عاقبهم الله بذلك في الدنيا، وسوف يعاقبون بأَشد منه في الآخرة، ولذا عقبه - تعالى - بقوله:
١٤ - ﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾: أَي ذلكم العقاب العاجل في الدنيا فذوقوه، وأَن لكم في الآخرة عذاب النار بسبب كفركم.
﴿زَحْفًا﴾: الزحف في الأَصل مصدر زحف الصبى إِذا دبَّ قليلًا قليلًا وهو جالس، أَو حبا وهو يجُرُّ رجليه، ثم أُطلق على المشى الثقيل المتوالى وعلى الجيش إذا كثر، لأَن حركته بطيئة بالنسبة لحركة الفرد، والمراد به في الآية المعنى الأَخير.
﴿فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾: فلا تديروا ظهوركم لهم، والمقصود نهيهم عن الفرار من قتال العدو بأَية صورة.