وإِنما قال سبحانه: ﴿لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ مع أن الملحدين يرتابون فيها للإِيذان بأَنها في ظهور دلائلها ووضوح أَمرها بحيث لا يصح أن تكون مجالا للإرتياب فيها، ولا تصلح مظنة للشك على الإِطلاق.
﴿يُجَادِلُ﴾: يخاصم ويناوئُ. ﴿فِي اللهِ﴾: في ذاته أَو صفاته. ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾: بغير يقين ضرورى ﴿وَلَا هُدًى﴾: ولا نظر سديد يهديه إلى الحق. ﴿وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾: ولا كتاب سماوى يضئُ له سبيل الحق. ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ﴾ العِطْفُ: الجانب، وثَنْيُهُ لجانبه: كناية عن الإعراض تكبرا. ﴿خِزْيٌ﴾: ذل وهوان.
هذه الآية مستأْنفة لبيان حال الذين يكابرون في الحق بلا دليل، ويؤُمون غيرهم في الضلال، أَما الآية السابقة ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾ الخ ففي بيان حال من يقلدونهم ويتبعونهم، ويجوز أَن تكون هذه معطوفة على تلك للغرض المذكور (١) وأَئمة الضلال في مكة أَشهرهم أبو جهل والنضر بن الحارث
(١) ويرى ابن عطية أن هذه الآية تكرار للآية السابقة لغرض التوبيخ فكأنه قيل: هذه الأَمثال في غاية الوضوح والبيان، ومن الناس من يجادل في شئون الله الخ، والواو للحال على هذا الوجه.