للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}: أي كل شيءٍ فإن إلا ذاته - تعالى - فالوجه مجاز عن الذات، وللكلام بقية في التفسير.

التفسير

٨٥ - {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}:

ذكر الله - تعالى - في الآيات السابقة قصة موسى وقومه مع قارون وبغيه واستطالته عليهم، وهلاكه، ونصره أهل أهل الحق عليه، وجاءَ بهذه الآية مشيرة إلى قصة سيدنا محمَّد وأصحابه مع قومهم، واستطالتهم عليهم، وإخراجهم إياهم من بلدهم، ومبشرة بإعزازه - صلى الله عليه وسلم - ورده والمؤمنين المهاجرين إلى مكة وفتحهم إياها غالبين منصورين، ووسط بين القصتين ما هو مرتبط بهما من شئون الآخرة، للانتقال من قصة أُخرى، قال مُقاتل: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الغار ليلًا مهاجرًا إلى المدينة في غير الطريق مخافة الطلب، فلما رجع إلى الطريق ونزل الجحفة عرف الطريق إلى مكة واشتاق إليها، فقال له جبريل: إن الله يقول: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}: أي مكة ظاهرًا عليها، قال ابن عباس: نزلت بالجحفة فليست مكية ولا مدنية.

وتفسير المعاد بمكة قول الأكثرين، وهو قول جابر بن عبد الله وابن عباس ومجاهد وغيرهم، وقال الضَّبِّي: معاد الرجل بلده؛ لأنه ينصرف منه ثم يعود إليه.

وفي المعاد أَقوال أُخرى، وما ذكرناه أولى منها بالقبول، لما ذكرناه من الربط بين القصتين.

ومعنى الآية: إن الله الذي فرض عليك - أيها الرسول - تبليغ القرآن والعمل به، لراجعك ظافرًا إلى مكة بلدتك التي تعودتها وقد أخرجوك منها فلن يكون خروجك منها أبديًا، قل لقومك: ربي أعلم بمحمد الذي جاءَ بالهدى من عنده فينصره ويرده إلى بلده وينشر هداه، وأعلم بمن هو في ضلال واضح من قومه فيخذله، ويذله.

<<  <  ج: ص:  >  >>