بعد أَن بَيَّنَ اللهُ ﷾، أَنّ صرف العذاب عن العبد، والفوزَ بالنعيم - بعده - من رحمة الله به في الآخرة - بَيَّنَ كذلك: أَن الأَمرَ في الدنيا والتصرُّفَ فيه، إنما هو لله الولي الحميد.
والمعنى: وإِن يُصبْك - أَيها الإِنسان - ضُرٌّ كمرض وفقر وحزن وغير ذلك من البلايا التي يَخْتَبِرُ اللهُ بها عبادَهُ، فلا يرجى لكشف هذا الضرِّ غيره. إذ لا صارف ولا رافع له إلا هو. لأنَّه مما قضى به. ولا رادّ لقضائه الذي قضاه، إلا ما كان من لطفه ورحمته اللذَيْنِ يحفان بقضائه. فيمضى الأَمر فيه على ما قضاه. ومن لطف الله بعبده أن يستقبل هذا القضاء برضا، ويحتمله في صبر.
وإن يمسسك بخير - كصحة وغنى وقوة وجاه - فهو وحده قادر على حفظه عليك وإدامته لك، كما قدر على إِعطائك إِياه. فهو على كل شيءٍ قدير.
فعلى المؤْمن الصادق في إِيمانه: ألَّا يطلب شيئًا من أمور الدنيا والآخرة: من كَشْف ضُرٍّ، وصَرْفِ عذاب، أَو إيجاد خير، ومَنْح ثواب، إِلا من الله تعالى وحده، دون غيره من الشفعاء والوسطاء، والمتكهنة والأَولياء الذين لا يملكون لأَنفسهم نفعا ولا ضرًّا.