للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١٥٧ - (قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ … ) الآية.

أي ولُعِنوا بقولهم - على سبيل الفخر - إِنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم، فنسبوه إلى أُمه تهكما به، وغمزًا له ولأُمه - بما هو معروف من رأْيهم فيهما إلى يومنا هذا - مع أَن عيسى برَّأها أَمامهم في مهده، وقال لهم: " … إنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نبيا" (١)

وكفى بذلك آية على طهرها … فإن الطفل لا يتكلم - في مهده - إلا بباعث من الله، وإِذن منه.

وكلمة (رَسُولَ اللهِ): إن كانت من قول اليهود، فهي من باب التهكم بدعواه أَنه رسول الله، كما قال المشركون في حق رسولنا : " … يَأ أيهَا الَّذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الِذّكْرُ إنَّكَ لَمَجْنُونٌ" (٢). فكأنهم يقولون: إِنا قتلنا المسيح الذي يزعم أنه رسول الله. ولو كان كذلك، لما استطعنا قتله.

وأَما إِن كانت من قول الله تعالى وليست من قولهم، فهي استئناف من الله تعالى أريد به مدح عيسى ، ورفعُ منزلته، وإظهارُ غاية جراءَتهم عليه، ووقاحتهم في شأنه، إِذ تصَدَّوْا لقتله وهو رسول الله.

ولقد كذبهم الله في دعواهم قتله وصلبه، فقال:

(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ):

وذلك أنهم تآمروا على قتله، مع الحاكم الروماني الذي كان يحكم بيت المقدس، بعد أن أفهموه أن دعوته خطر على الحكم الروماني وعلى الشعب، فإنه سيجمع الأمة على رفع سلطتهم عن الأرض المقدسة وإِجلائهم عنها. فظاهَرَهُم على قتله، واتخذوا من أَحد حوارييه جاسوسا عليه، يرصد حركاته وتنقلاته ويخبرهم بها، وكان اسمه يهوذا الإسخريوطي. وقد جعلوا له - في مقابل ذلك - ثلاثين درهما.


(١) سورة مريم، من الآية: ٣٠
(٢) سورة الحجر، من الآية: ٦