ورد الخبر هنا، مؤَكدا بلام القسم وقَدْ، لتحقيق علم اليهود بما جاءَ فيه. والخطاب لليهود المعاصرين للنبى ﷺ والمعتدون فيه هم آباؤُهم، واعتداؤُهم فيه: أَن يوم السبت جعله الله لهم يوما مخلصًا للطاعة، بحيث لا يشتغلون فيه بالاسترزاق. ولذا حرم عليهم فيه صيد السمك. فكانت الحيتان تأْتيهم يوم سبتهم شُرَّعًا، ويوم لا يسبتون لا تأْتيهم على هذا النحو. فلما رأوا ذلك، خالفوا النهى، واصطادوا السمك فيه، كما قاله الحسن، أَو احتجزوه من يوم السبت إلى يوم الأَحد ببعض الحيل كما قال غيره. ولما كان احتجازه من يوم السبت إِلى الأَحد، لا يفترق عن صيده في يوم السبت من جهة المقصود، اعتبر اعتداء في السبت.
وسواءٌ أَكان اعتداؤُهم بهذا أَم بذاك، فقد عاقبهم الله. وذلك لقوله سبحانه: ﴿فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾.
روى النسائي عن صفوان بن عسَّال قال: قال يهودى لصاحبه: اذهب بنا إِلى هذا النبي، فقال له صاحبه: لا تقل: نبى؛ لو سمعك، فإن له أَربعة أَعين. فأَتيا رسول الله ﷺ وسأَلاه عن تسع آيات بينات، فقال لهم:"لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببرئٍ إلى سلطان، ولا تسحروا، ولا تأْكلوا الربا، ولا تقذفوا المحصنة، ولا تولوا يوم الزحف، وعليكم -خاصة يهود- أَى لا تعدوا في السبت" فقبَّلوا يديه ورجليه وقالوا: نشهد أَنك نبي. قال:"فما يمنعكم أَن تتبعونى"؟ قالوا: إِن داود دعا، بأَن لا يزال من ذريتى نبى، وإنا نخاف إن اتبعناك أَن تقتلنا يهود.