﴿وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا﴾ أي: ولا يحل لكم أَن تتزوجوا أَزواجه من بعد موته أَو فراقه لهن، لأَنهن أَزواجه في الدنيا والآخرة؛ ذلك لأَن المرأَة في الجنة لآخر أزواجها، وهن أُمهات المؤمنين، ولا يحل للأَبناء نكاح الأُمهات.
يروى أن رجلًا من المنافقين قال حين تزوج رسول الله ﷺ أم سلمة بعد أبي سلمة وحفصة بعد خنيس بن حذافة: ما بال محمَّد يتزوج نساءَنا، والله لو قد مات لأجلْنا السهام على نسائه. فنزلت الآية في هذا، فحرم الله نكاح أَزواجه من بعده وجعل لهن حكم الأُمهات، وهذا من خصائصه تمييزًا لشرفه، وتنبيهًا على مرتبته ﷺ.
﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾: إشارة إلى ما ذكر من إيذائه ﵊ بالمكث بعد الطعام، ونكاح أَزواجه من بعده. أَي: وكان ما ذكر في حكمه - تعالى - عظيمًا هائلًا، لا يقادر قدره، ولا يعرف مداه، فكان من جملة الكبائر ولا ذنب أَعظم منه، كما يقول القرطبي.
وفي ذلك من تعظيمه - تعالى - لشأن رسوله ﷺ وإيجاب حرمته حيا وميتا ما لا يخفى.
﴿إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ﴾ أَي: إن تظهروا أمرًا من الأُمور أو تستروه في أنفسكم يعلمه الله. يقال: خَفَيْت الشيءَ أُخفيه من باب رمى: سترته، كأَخفيته بالهمزة (١).
(١) وبعضهم يجعل الرباعي للكتمان والثلاثي للإظهار، وبعضهم يعكس الأوضاع.