للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله عليه وسلم- من بينهم ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾: (١)

وخص بعض العلماء الخير هنا، بالوحي. مراعاة للمقام. فهو الذي من أَجله كره أَهل الكتب والمشركون النبي والمؤمنين. وَيَسْتَدلون لذلك بقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ أَي: والله يختص بنبوته من يشاء ممن أعدهم وهيأهم لها. فكانوا جديرين بها. ولهذا اختص بها محمد من بين الناس؛ لتمام أهليته لذلك.

وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ (٢).

وقد فسرها عَلي بذلك، فهي الخير الذي بكرهه هؤلاء للنبى ، ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم﴾: فلا حرج على فضله تعالى، أَن يمنح النبوة من يشاء ممن هو أهل لها، فكيف يسحدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ومن حسد أحدًا على فضل الله، فهو ساخط على حكم الله: معترض على قضائه، ولا يضر الحاسد بحسده إلا نفسه.

وفي إِسناد الرحمة والفضل إِلى اسم الذات. بيان أنهما حقه - تعالى - لذاته، فليس لأحد من عبيده، أدنى تأثير في منحهما ولا في منعهما.

﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١٠٧)

[المفردات]

﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾: النسخ لغة: المحو والإبطال، والمراد هنا بالآية: الجملة القرآنية ذات الحكم الكامل. والمراد بنسخها: بيان انتهاءِ التعبد بها. وقيل المراد بها: الشريعة، على حد قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ﴾. (٣)


(١) الزخرف: ٣٢،٣١
(٢) الأنعام: ١٢٤.
(٣) الزمر: ٧١.