هذا شروع فى بيان صفات الطائفة الثالثة، وهم المنافقون، الذين يظهرون خلاف ما يبطنون.
وهم أسوأ واخبث من الكافرين الصرحاء.
وقد ابتلى الله بهم كل مجتمع: في كل زمان ومكان. وفي الاحتراز عنهم وعن مكرهم صعوبة
ومشقة؛ لأن مظهرهم لا يتفق مع مخبرهم.
وقد ذكر القرآن فى شانهم هنا ثلاث عشرة آية متتالية - تبدا من هذه الآية - ليحدد أوصافهم وخداعهم، وضرب فيهم الأمثال التي تكشف عن حالهم، وعاقبة أَمرهم. وقد ظهر النفاق بالمدينة بعد غزوة بدر الكبرى، وسببه -كما قال ابن كثير- أن عبد الله ابن أبي سلول، كان سيد اللخزرج، ركان رئيسا لهم وللأوس قبل الإسلام، ثم رأَوا أن يجعلوه ملكا عليهم، فلما جاءَ الخبر اشلموا واشتغلوا عنه، فبقى في نفسه من الإسلام واهله شئ، فلما كانت وقعة بدر وظهرت شوكة المسلمين قال: هذا أمْرٌ قد تَوَجَّه، يريد بالامر: الملك، ويريد بتوجهه: زواله عنه وقد دفعه يأسه من تحقيق أمنيته، أن يدخل في الأسلام كما دخل قومه، ولكنه دخله مرائيا غير مخلص، ودخل معه آخرون من قومه وغيرهم على مشاكلته، كما حدث مثل ذلك من طائفة من أهل الكتاب، فمن ثمَّ وُجِدَ النفاق فئ أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب، والنفاق مرض اجتماعى ينشأ عن الحقدوالضعف النفسى والطمع.