استثنى الله من أولئك الكاتمين المعاقبين بالطرد من رحمته وبسخط الخلائق: من تابوا ورجعوا عن كتمانهم العلم، {وَأَصْلَحُوا} بإظهار ما كتموه، وتصحيح ما حرَّفوه أو أساءوا فيه الفتوى، وردهم ما أخذوه بسبب التحريف أو الكتمان {وَبَيَّنُوا} الحق دائمًا، ليكون ذلك أمارة على صدق توبتهم من الكتمان. فهؤلاء: لا يعاقبهم الله بما توعد به الكاتمين لأن الله - تعالى - يفرح بتوبة عباده، وقد أكد الله - سبحانه - العفو عنهم، المأخوذ من الاستثناء بقوله:{فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ} أي: أقبل توبتهم المقرونة بالإصلاح، وتبيين الحقن {وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} ومن كان شأنه المبالغة في قبول التوبة وسعة الرحمة، فهو الجدير بأن يتوب على عباده ويرحمهم، إذا بادروا بالتوبة والإصلاح والتبيين.
وقد اشتملت الآية على أركان التوبة:
١ - الرجوع عن الذنب ويشير إليه قوله:(تابُوا).
٢ - الندم على ما فات لأنه من تمام التوبة.
٣ - رد المظالم إن وجدت، ويشير إليهما قوله:{وَأَصْلَحُوا}.
٤ - العزم على عدم العود، ويشير إليه قوله:{وَبَيَّنُوا}.
بَيَّنَ الله قبل ذلك: أن الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى، يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. واستثنى منهم من تابوا، وأصلحوا، واستقاموا على تبيين الهدى فأُولئك يقبل الله توبتهم، ويعفو عنهم.