يأْمر الله - تعالى - نبيه ﷺ في هذه الآية بالصبر على تكذيب من كذبه من قومه: فإن الله سينجز له ما وعده به من النصر والظفر على قومه، وجعل العاقبة له ولمن اتبعه في الدنيا والآخرة.
﴿فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ به من العذاب في الدنيا فذاك، وذلك وقع، فإن الله قد أقر عينه من كبرائهم وعظمائهم، أبيد بعضهم يوم بدر، وأسر بعض آخر ثم فتح الله عليه مكة، سائر جزيرة العرب في حياته.
﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ (١) أَي: أَو نميتنَّك قبل ذلك، أَي: قبل أن تنتصر عليهم وننتقم منهم.
﴿فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ أَي: فإلينا لا إلى غيرنا يرجعون يوم القيامة فنجازيهم على أعمالهم ونعذبهم أشد العذاب.
فإن قيل: إن الله - تعالى - يعلم أَنه سينصره في حياته، فلماذا لم يصرح بنصره على القطع؟
فالجواب: أَن أهل مكة كانوا يتمنون موت النبي ﷺ ويسعون فيه، فالله رد عليهم بذلك مجاراة لهم ليفهمهم أن موت محمد لا يعفيهم من العذاب الموعود.
في هذه الآية رد على قريش في طلبهم من الرسول آيات غير التي أَتاهم بها، فبينت أن مجئ الآيات في عهد جميع الرسل لله وحده، وخسر المعاندون.
والمعنى: وقد أرسلنا رسلا كثيرين، ذوى شأن عظيم من قبل إرسالك، منهم من جئناك بأَخبارهم وأوحينا إليك قصصهم مع قومهم كيف كذبوهم، ثم كانت للرسل العاقبة والنصرة وذلك كنوح وبراهيم وموسى ﵈.
(١) معطوف على نرينك داخل معه في حيز الشرط، ومؤكد مثله بنون التوكيد، وهو شبيه بالواجب، لوقوعه بعد إن الشرطية المدغمة في (ما) الزائدة، تقوية التأكيد، وليست نافية.