والمعنى: ففي هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وهارون وبنى إسرائيل من الغرق، يخرجك من البحر، ويلقى ببدنك على شاطئه خاليا من الروح، لتكون قصتك آية وعلامة لمن وراءك من أهل عصرك ومن يأتى بعدهم ممن يبلغهم خبرك، وتصل إلى أسماعهم عاقبتك، فيعرفون من هذه الآية أن الكفر بالله وخيم العاقبة، وأنه لا يصح للبشر أن يشاركوه في الأُلوهية أَو يستأْثروا بها، قيل إِن فرعون الذي أُرسِل إليه موسى هو منفتاح أَو رمسيس الثاني، وكلاهما جثة موجودة إِلى اليوم في المتحف المصرى والله أعلم، ومع ما في قصة فرعون من العبر فلم يلتفت إلى الإفادة منها كثير من الناس، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾:
أي وإِن كثيرًا من أهل مكة ومن غيرهم لغافلون، عن التفكير في آيات الله التي أَقامها أَو أَنزلها للفصل بين الحق والباطل لغافلون أَشد الغفلة، ساهون عن تدبر معانيها، والانتفاع بدلالاتها، ولو فعلوا لما ضلوا عن سواء السبيل.
بعد أَن ذكر القرآن الكريم إِنعام الله على بنى إِسرائيل بإنجائهم وإِهلاك عدوهم جاءَت هذه الآية لبيان أحوالهم وما أَفاض الله عليهم من نعمه الوفيرة وأنهم لم يقوموا بشكرها.