للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٥٩ - ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ … ﴾ الآية.

بعد أن ضرب الله الأَرض الطيِّبة، مثلا لمن انتفع بآياته، والأرض الخبيثة، مثلا لمن لم ينتفع بها - عقَّب ذلك بقصَّة قوم نوح، وهم ممَّن لم ينتفعوا بآياته.

وكان قوم نوح يعبدون الأَوثان. وكان أَشهرها لديهم: وَدًّا، وسُواعًا، ويغوثَ، ويعوقَ، ونَسرًا.

وسيأتي بيان ذلك في سورة نوح، بمشيئة الله تعالى.

وقد أرسل الله تعالى إليهم نوحًا ، فدعاهم إلى توحيد الله، والتوبة من عبادة الأَوثان.

والمعنى: وتالله، لقد أَرسلنا نوحًا إلى قومه، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده، ليس لكم من إله يستحق العبادة سواه. أَمَّا آلهتكم التي صنعتموها بأيديكم، فإِنها لا تستحق أَن تُعبد، لأَنَّها مخلوقة وليست بخالقةٍ، ومصنوعةٌ وليست بصانعةٍ .. إِنِّي أخاف عليكم - إن بقيتم على شرككم - عذابَ يوم عظيم.

وهذا اليوم العظيم: إمَّا يوم القيامة، وإمَّا يوم الطوفان، الذي يصلهم بعذاب يوم القيامة.

وقد مكث نوح يدعو قومه إلى الله - تعالى - أَلف سنة إلا خمسين عاما.

وقد أمضى فيهم هذه المدَّة في حِجَاجٍ ولَجاجٍ معهم، أَجملته هذه الآية - والتي تليها - على النحو الآتى:

٦٠ - ﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾:

الملأُ: الأشراف، وأَطلق عليهم ذلك لأنهم يملئون العيون والقلوب بوجاهتهم وجاههم.

والمعنى: قال الأَشراف من قومه: إنا لنراك في بعدٍ عن الحقِّ واضح. يقصدون بذلك: أَنهم - وقومهم - على الحق، وأن نوحًا يحيط به الضلال والباطل.