نزلت هذه الآية لرد ما كان مزعومًا أو متبعًا قبل الإِسلام، فقد زعمت العرب أن الأريب اللبيب القوي الحافظة له قلبان، ومن ذلك قولهم لأبي معمر الفِهْري - أو جميل ابن معمر الجمحي - له قلبان، لأنه كان داهية قوى الحفظ لما يسمع، وكان يزعم أن له قلبين يفهم بأحدهما أكثر مما يفهم محمد، وقد كذَّبه الله قولًا في هذه الآية، وفعلًا يوم بدر، وذلك أنه انهزم في هذا اليوم، ولقي أبا سفيان في العير في طريقه إلى مكة وهو معلق إحدى نعليه بيده، والأخرى في رجله، فسأله أبو سفيان: ما بال إحدى نعليك في رجلك والأخرى في يدك؟ فقال: ما ظننت إلاَّ أنهما في رجلي، فعرفوا من يومئذ أنه لو كان كما زعم لما لبس نعله في يده، والقلب: قطعة من اللحم صنوبرية الشكل، خلقه الله - تعالى - لضخ الدم في الشرايين لتغذية الجسم، وجذبه ثانيًا من الأوردة لإيصاله إلى الرئتين لتطهيره من "ثاني أُكسيد الكربون" الناتج من عملية الاحتراق في داخل الجسم، وبعد تطهيره يستعيده القلب ليعيد قذفه في الشرايين، وقد جعله الله مناطًا للحفظ والعلم، إما لأنه يمد الأجهزة الحافظة في المخ بغذائها - فهو سبب للحفظ والعلم - وإما لأن الحفظ والعلم من وظائفه.
وكان من عادة العرب أن يحرم الرجل زوجته على نفسه كتحريم أمه عليه، بأن يقول لها: أنت عليَّ كظهر أمي أو نحوها، فلا يباشرها كما لا يباشر أحَدٌ أُمَّه، وكانوا يعتبرون الظهار طلاقًا في الجاهلية، وسيأتي حكمه في الإسلام في سورة المجادلة بمشيئة الله - تعالى -.
كما كان من عادتهم أن يتبنى الرجل ولد سواه فيرث ماله من بعده كما يرث الولد من أبيه النَّسَبِي، وتحرم عليه زوجته كما تحرم عليه زوجة ابنه من صلبه، فنزلت الآية لردِّ هذا كله، وكان النبي ﷺ قد تبنى غلامه زيد بن حارثة بعد أن أعتقه، وفقًا كان عليه العرب، ولهذا كان يدعى زيد بن محمد، فلما نزلت هذه الآية نسبه