أي: قل يا رسول الله لهؤلاء المشركين: إذا كان القرآن والتوراة سحرين متظاهرين فأتوا بكتابٍ من عند الله أقوى منهما في الهداية، فإن تأتوا به أتبعه وأصدقه، وأمضي على هديه، وهذا الشروط مما يأتي به من يشير إلى وضوح حجته وسنوح محجته؛ لأن الإتيان بما هو أهدى من الكتابين أمر بيّن الاستحالة، فيوسع دائرة الكلام للتبكيت والإفحام.
وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ معناه: إن كنتم صادقين في أنهما سحران مختلقان تظاهرا، وإيراد الجملة بأسلوب التشكيك مع استحالة صدقهم مزيد تهكم بهم.
أي: فإن لم يستطيعوا أن يفعلوا ما كلفتهم به من الإتيان بكتاب هو أهدى من القرآن والتوراة - ولن يستطيعوا ذلك ولن يقابلوه - فاعلم أنهم إنما يتبعون آهواءهم الزائغة، ويصرون على موقفهم عنادا وكفرا من غير أن يكون لهم مُتَمسك ما أصلا، إذ لو كان لهم لأتوا به.
وإنما عبر عن عجزهم عن الإتيان بعدم الاستجابة إيذانا منه ﷺ بأنه على كمال أمنٍ من أمره - كأن أمره ﷺ لهم بالإتيان بما ذكر دعاء لهم إلى أمر يريد وقوعه.