للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(تَطَئُوهُمْ): تدوسوهم بأقدامكم، والمراد: أن تبيدوهم وتهلكوهم.

(مَعَرَّةٌ): مكروه ومشقة، من: عرَّه بمعنى عراه إذا دهاه بما يكره ويشق عليه. وقيل: من العُرّ، وهو الجرب الصعب اللازم.

(تَزَيَّلُوا): تفرقوا وتميز بعضهم عن بعض.

[التفسير]

٢٤ - ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾:

أخرج الإِمام أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم وغيرهم عن أنس بن مالك قال: لَمَّا كان يوم الحديبية هبط على رسول الله وأصحابه ثمانون رجلًا من أهل مكة في السلاح من قِبل جبل التنعيم يريدون غِرة (١) رسول الله فدعا عليهم فأخذوا، فعفا عنهم، فنزلت هذه الآية (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ … ) الخ الآية، فهذا امتنان من الله على عباده المؤمنين حين كفّ أيدى المشركين عنهم في الحديبية فلم يصل إلى المسلمين منهم سوءٌ كما منع - سبحانه - أيدى المؤمنين عن المشركين مع تمكنهم منهم فلم يقاتلوهم، وحفظ كلاًّ من الفريقين وأوجد بينهم صلحًا فيه خير للمؤمنين، وعاقبة كريمة لهم في الدنيا والآخرة، والله - سبحانه - بصير بكم وبأعمالكم - أيها المؤمنون - يعلم ما فيه الخير لكم، ولذلك منعكم عن قتال المشركين حفظا لكم ورحمة بكم، ورعاية لحرمة بيته العتيق من أن تراق فيه الدماءُ وتزهق الأرواح، كما أن في هذا الكف أيضًا إبقاءً على قوم لكم بهم رحم وقربى، ولعل الله يهدى بعضهم إلى الدخول في الإِسلام.

٢٥ - ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ … ﴾ الآية:


(١) الغرة - بالكسر -: الغفلة، أي: يريدون أن يصادفوا من رسول الله ومن أصحابه غفلة عن التأهب لهم: إهـ: القرطبي.