وعد للنبي ﷺ بتيسير كل عسير له وللمؤمنين، مسوق لتسليته والتنفيس عنه أَي: فإِن مع الشدة التي أَنت فيها من مقاساة أَذى المشركين بمكة يسرًا. كأَنه قيل: خولناك ما خولناك من جلائل النعم لتأْييدك، فكن على ثقة بفضل الله ولطفه ولا تيأَس، فإِن بعد الشدة التي صادقتك من المعاندين لدعوتك يسرًا عظيمًا وذلك بإِظهارك عليهم، وقهرك لهم.
وقيل هذا المعنى: كان المشركون يعيرون رسول الله والمؤمنين بالفقر حتى سبق إِلى وهمه أَنهم رغبوا عن الإِسلام لافتقار أَهله، فذكره سبحانه بما أَنعم به عليه من نعم عظيمة ثم قال:(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ) أَي: الذي أَنتم فيه (يُسْرًا) عظيما، وأَي يسر، والمراد به: ما تيسر لهم من فتوح في أيام رسول الله ﷺ أَو يسر الدنيا مطلقًا.
٦ - (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا):
يحتمل أَن تكون تكريرًا للجملة السابقة لتقرير معناها في النفوس، وتمكينه في القلوب ويحتمل أَن تكون وعدًا مستأْنفًا له ﷺ، واحتمال الاستئناف هو الراجح، كما يقول الآلوسي لما علم من فضل التأْسيس على التأْكيد لإِفادة التأْسيس لمعنى جديد والتنوين في (يُسْرًا) للتعظيم.
والمراد: أَن مع ذلك العسر يسرًا آخر، ولن يغلب عسر يسرين، ويشير إِلى ذلك ما أَخرجه عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال؟ ذُكِر لنا أن رسول الله ﷺ بشر بهذه الآية أَصحابه فقال ﵊:"لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ إنْ شاءَ يُسْرَيْنِ".
وهذا مما تنطق به قواعد اللغة؛ لأَن العسر أُعيد معرفة، فكان واحدًا؛ لأَن المعرفة إِذا أُعيدت معرفة، كانت الثانية عين الأُولى، واليسر أُعيد نكرة، والنكرة إذا أُعيدت نكرة كانت الثانية غير الأُولى، والمراد باليسرين يسر الدنيا ويسر الآخرة والإِتيان بكلمة (مع) في الجملتين للإِيذان بغاية مقاربة اليسر للعسر زيادة في التسلية.