للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعد أَن بينت الآية السابقة وعيد مَن كانوا يستطيعون الهجرة وتخلفوا عنها، جاءَت هذه الآية الكريمة، تستثني من هذا الوعيد: الذين لا يستطيعون ذلك. فقالت: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾: أي لكن الضعفاء من الرجال الذين لا يقدرون فعلا على المقاومة، ولا على دفع الظلم والفساد - وكذلك النساءُ والصغار - ممن ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾:

أي لا يجدون وسيلة تخلصهم مما هم فيه من القهر والذل، ولا يعرفون طريقا يستطيعون سلوكه للنجاة مما يلاقون في دار الكفر من ذل وهوان.

٩٩ - ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾:

أي فهؤلاء المستضعفون، لا شيء عليهم، ولا تثريب في عدم هجرتهم، ولهم أي يطمعوا في عفو الله، ويتطلعوا إلى رحمته؛ لأنه كثير العفو، واسع المغفرة.

﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)﴾.

[المفردات]

﴿مُرَاغَمًا﴾: متحولا يتحول إليه: ومكانا يتنقل فيه.

﴿وَسَعَةً﴾: السعة؛ البسطة في العيش، والزيادة في الرزق.

﴿فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾: أي ثبت ثوابه عنده.

[التفسير]

١٠٠ - ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً … ﴾ الآية.

كانت الآيات السابقة في تحذير المسلمين من القعود عن الهجرة. من مكة عند القدرة عليها، وبعث الرجاء في نفوس المستضعفين بأن الله سيعفو عنهم.