للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى: إن الله لايغفر أَن يُشْرِك أحدٌ به غيرَه في العبادة. سواءٌ أَكان هذا الشريك من عوالم السماءِ، أم من عوالم الأرض. فكلها مخلوقاته: تخضع له فيما أَراد، ولا تُعْبَد معه، ولكنه تعالى يغفر ما دون الشرك من السيئات المختلفة، لمن يشاءُ من عباده المؤمنين، حسبما تقتضيه حكمته في العفو.

والتوبة أرجى في الغفران مِنْ تَرْكِها ... والحسناتُ يذهبن السيئات.

والمقصود من الشرك باللهِ: الكفر به مطلقا. فيشمل نسبة الوالد أَو الصاحبة إليه سبحانه وتعالى، وإنكار وجوده. كأولئك الذين يؤمنون بأَن الطبيعة هي التي أَوجدتهم: قَاتَلَهُمُ الله أنى يُصْرَفُون!!

وإِنما ذكر الشرك في الآية؛ لأنه كان الاعتقادَ السائد في الجزيرة العربية، التي نشأت فيها الدعوة الإِسلامية.

وقد جاء تعميم هذا الحكم لكل كافر، في نحو قوله: {وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (١) وقوله: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} (٢) وقوله: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} (٣).

{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}:

ومن يشرك باللهِ شيئًا من مخلوقاته، أو شيئًا من الشرك، أَو يكفر به بأي وجه، فقد بَعُد عن الحق، وعن العقل بُعدًا سحيقا، على الرغم من وضوح الأدلة الصارفة له عن شركه وكفره.

ثم شرع يقبح هذا الإشراك فقال:

١١٧ - {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا}:

المراد من الإِناث: الموتى، كما رواه ابن أَبي طلحة، والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما.


(١) إبراهيم، من الآية: ٢.
(٢) الإسراء، من الآية: ٨.
(٣) الفرقان، من الآية: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>