للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٦٥ - ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾:

أي وأَرسلنا إلى عاد، أَخاهم هودا. وكانوا يعبدون الأَوثان، بعد ما غيَّروا وبدَّلوا شريعة نوح .

قال لهم هود - بعد ما أُرسل إِليهم - يا قوم اعبدوا الله وحده. واتركوا أَوثانكم.

فيما لكم من إلهٍ غيره، أَتغفلون عمَّا حدث لقوم نوح، فلا تتقون الله تعالى؟

وكانت مساكن عاد هذه بين الشَّحْرِ (١) وعُمَان، وحضرموت، بالأَحقاف … وكانوا جبَّارين: طوال القامة. وفيهم يقول الله ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ في الْخَلْقِ بَسْطَةً .. ﴾ (٢) وهي التي سمَّاها الله (عادًا الأُولى) فأرسل الله إليهم هودا. وكان منهم. ولذا ذكره الله بقوله: (أخاهم) فدعاهم إلى توحيد الله، وترك ما هم عليه من طغيانٍ وظلم. فكان ردُّهم عليه ما حكاهُ اللهُ بقوله:

٦٦ - ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ في سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾:

قال الأشراف الذين كفروا من قوم هود - ردًّا على دعوته إِيَّاهم إِلى عبادة الله - وحده - وترك ما هم عليه عن طغيانٍ وجبروتٍ - إِنا لنراك مستغرقا في خفَّة العقل، والطيش، والحماقة. حيث فارقتَ دينَ قومِك إلى ما تدعو إِليه. وإِنَّا لنعتقد أَنَّك من الكاذبين فيما تزعمُ من النبوة والرسالة.

ووصفُ الملإ في قوم "هود" بالذين كفروا، يؤذن بأَن من أَشرافهم من سارع إِلى الإيمان به ولم يكذبه، ولكنه كان يكتم إِيمانه، بخلاف الملإِ من قوم "نوح" فإنهم جميعًا كانوا كافرين. فلذا لم يقيِّدهم اللهُ بوصف الكفر، كما قيّدوا به في قوم هودٍ … وقيل: وصفوا به لمجرد الذم.


(١) سهل من سهول اليمن الشرقية.
(٢) سورة الأعراف، من الآية: ٦٩، وسيأتي تفسيره.