معطوف على ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ﴾ أي: يطاف عليهم بالشراب، فيقبل بعضهم على بعض، يتساءلون عن الفضائل والعارف وعما جرى لهم وعليهم في الدنيا، وما أحلى تذكر ما فات عند رفاهية الحال وخلو البال.
٥١ - ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ أي: قال قائل من أهل الجنة في تضاعيف محاورتهم: إني كان لي ملازم ومصاحب من شأنه ما حكاه الله بقوله:
٥٢ - ﴿يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ﴾: يقول لي في الدنيا على طريق التوبيخ: أَءنك لمن المصدقين، أي: بالبعث كما ينبئ عنه قوله سبحانه:
أي: لمبعوثون ومجزيون؟ من الدِّين بمعنى الجزاء، وهذا منه إنكار واستبعاد لوقوع البعث والجزاء بعد الموت، وبعد أن صار الجسد ترابًا وعظامًا نخرة.
قال أبو السعود: قيل: كان رجل تصدق بماله لوجه الله فاحتاج فاستجدى بعض إخوانه فقال له: أين مالك؟ قال: تصدقت به ليعوضني الله - تعالى - في الآخرة خيرًا منه. فقال: أئِنَّك لمن المصدقين بيوم الدين؟ والله لا أعطيك شيئًا: فيكون التعرض لذكر موتهم وكونهم ترابًا وعظامًا حينئذ لتأكيد إنكار الجزاء المبني على إنكار البعث.
٥٤ - ﴿قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ﴾: هذا من قول الله لأهل الجنة، وقيل: القائل بعض الملائكة، وقيل: هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنة بعد ما حكى لهم مقالة قرينه في الدنيا يقول لهم: هل أنتم مطلعون إلى أهل النار، لأريكم ذلك القرين، يريد بذلك صدقه فيما حكاه، وعلى أن القائل هو الله أو بعض الملائكة يكون المعنى: هل تحبون أن تطلعوا على أَهل النار لأَريكم ذلك القرين، فتعلموا منزلتكم من منزلتهم؟