للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ﴾: وقت حضور علاماته ليعقوب.

﴿تِلْكَ أُمَّةٌ﴾: تلك جماعة. والإشارة راجعة إلى الأنبياء الثلاثة.

﴿قَدْ خَلَتْ﴾: مضت.

[التفسير]

١٣٣ - ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ … ﴾ الآية.

بعد توبيخ المخالفين لملة إبراهيم، بقوله تعالى: "ومن يرغب … " الآية.

وبعد بيان أن هذه الملة هي التي وصى بها إبراهيم ويعقوب أبناءهما - جاءت هاتان الآيتان، لإنكاره افتراءٍ أهل الكتاب على يعقوب، أنه كان على ما هم عليه من التدين، وبيان أن انتسابهم إلى آباء صالحين، لا يغني عنهم فتيلًا.

والخطاب لأهل الكتاب من اليهود الذين زعموا: أن يعقوب أوصاهم - حينما أشرف على الموت - بالبقاء على يهوديتهم المحرفة، القائلة: بأن لله ولدًا، وأنه شريك لأبيه. وحضور الموت: حصوله، والمراد: حضور علاماته، والإشراف عليه، لأن الميت فعلًا لا يستطيع أن يوصي من حضره. وأم بمعنى: بل والهمزة، وبل للإضراب الانتقالي، من توبيخهم على رغبتهم عن ملة إبراهيم: إلى توبيخهم على افترائهم على يعقوب والهمزة لإنكار مشاهدتهم يعقوبَ عند احتضاره، أي: بل ما كنتم حاضرين عند مشارفة الموت له، حتى تقولوا ما قلتم.

﴿إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي﴾: وجه يعقوب الوصية لبنيه في صورة سؤال، لبيان شدة اهتمامه بأمرهم، وليطلب بسؤاله جوابًا منهم: يعبر عن رسوخ إيمانهم، وعقدهم النية على أن يخصوا الإله الحق بعبادتهم والاستفهام بـ (مَا) في قول يعقوب لبنيه: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي﴾: لأَنها تستعمل عند إبهام المسئول عنه لغرض، كما هنا، حيث أراد ألا برشدهم إلى الجواب، حتى ينبع هو من عقولهم دون إيحاء، كما تُستعمل في السؤَال عن المجهول، وإن دخل فيه العاقل والعالم، فإن سُئل عن عاقل بعينه استعملت مَنْ الخاصة به. أما غالب استعمالها - أي ما - ففي السؤَال عن غير العاقل، وقد تستعمل في السؤال عن وصف العاقل، كقولك ما زيد؟ أطبيب أم فقيه؟

ويجوز أن يكون السؤال عن العبادة التي يتعبدون بها.