أخرج ابن جرير، عن ابن جريج: أنها نزلت في الصدِّيق ﵁، لَمَّا حلف أَلَّا ينفق على مسطح ابن خالته، وكان من الفقراء المهاجرين، حين وقع في إفك عائشة ﵂.
والمعنى: ولا تجعلوا الله - لأجل حلفكم به - عرضة وحاجزًا: يمنعكم عن البر والتقوى، والإصلاح بين الناس.
وقيل: معناه: لا تجعلوا الله غرضًا لأَيمانكم، بكثرة الحلف به في كل حق وباطل، لأن في ذلك جرأةً على الله تعالى.
وهذا هو التفسير المأثور عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - وبه قال الجبائي وأبو مسلم. ويكون: ﴿أَن تَبَرُّوا﴾ علة للنهي، على معنى أنهاكم عن الحلف: رغبة بركم وتقواكم وإصلاحكم.
فإذا حلف الإنسان على ترك خير، فليفعل الخير، وليكفر عن يمينه، ولا يجعل اليمين مانعة له من المعروف.
قال ابن عباس: لا تجعل الله عرضة ليمينك، ألا تصنع الخير، ولكن كفِّر عن يمينك، واصنع الخير.
وروى مسلم، عن النبي ﷺ"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيرَها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَيَفْعَل الذي هُوَ خَيْرٌ".
والآية توحي بالإقلال من الإقسام، حتى لا يعتادها اللسان.
وقد ذم الله المكثرين من الحلف فقال: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ﴾ (١).
والبر: الخير مطلقًا. والتقوى: مراعاة الله في السر والعلانية، واتقاء غضبه، والإصلاح بين الناس: إزالة ما بينهم من جفاءٍ وعداوة.