في أَول السورة الكريمة جاءَ الأَمر الإِلهي لرسول الله بقيام قدر من اللَّيل، وخضع الرسول، لأَمر ربه، ولبى نداءَ السماء، ومعه جماعة من أَصحابه اقتدوا به، ثم خفف الله عنهم في آخرها بقوله تعالى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) وأمرهم بالصلاة والزكاة والصدقة والاستغفار.
ومعنى الآية: إِن ربك الذي رباك على موائد كرمه يعلم أَنك يا محمد تقوم من الليل أَقل من ثلثيه حينًا وتقوم نصفه حينًا وتقوم ثلثه حينًا آخر، وتقوم معك طائفة من أَصحابك تأَدبوا بآدابك وحَذَوْا حَذْوَك ونسجوا على منوالك واهتدوا بهديك ومنهم من كان لا يدري كم صلَّى في الليل وكم بقى منه، ولا يدري متى نصف اللَّيل من ثلثه فكان يقوم الليل كله احتياطيًّا مخافة أَن يخطيء حتى انتفخت أَقدامهم، وامتقعت أَلوانهم سنة أَو أَكثر فرحمهم الله وخفف عنهم فقال:(وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) أَي: يعلم مقادير اللَّيل والنهار على حقائقها وأَنتم تعلمون بالتَّحَرِّي والاجتهاد الذي يقع فيه الخطأ، ولا يقدر على تقدير الليل والنهار وضبط ساعاتهما كما هي إِلا الله وحده (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) علم الله أَنَّ الشَّأن لن تقدروا على تقدير الأَوقات ولن تستطيعوا ضبط الساعات، ولا يتأَتى لكم حسابها إِلا أن