للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٣٨ - ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا (١) جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ … ﴾ الآية.

هذا شروع في بيان حكم السارق، بعد بيان حكم قاطع الطريق. وما بينهما يتصل بحكم قاطع الطريق - كما مر بيانه في الربط. كما أنه يتصل بحكم السرقة، ويعرف ذلك بأدنى تأمل.

وقد بين الله في هذه الآية: أن السارق، عقابه قطع يده؛ ذَكَرا كان أَو أنثى. نكالا من الله للسارق وغيره.

والنكال: ما نكلت به غيرك، أَي ما حذرته به.

ولا شك أن قطع يد السارق، فيه تحذير للسارق نفسه من العودة إلى السرقة، وتحذير لغيره من أن يفعل مثل ما فعل، حتى لا يجْزى مثل جزائه.

وقد شدد الله في عقوبة السرقة على هذا النحو، لما تسببه من الانزعاج والأمراض النفسية، والحرمان من أَموال رتَّب صاحبها عليها مصالحه وأَغراضه.

فإذا قُطِعت يدُ السارق، كف عن العودة إلى هذه الجريمة غالبًا، وسلِم الناس من آثارها، وارتدع بها من يفكر في السرقة، والتمس - كلاهما - سبيلا إلى الرزق الحلال.


(١) قال الخليل بن أحمد، والفراء: كل شيء من خلق الإنسان إذا أضيف إلى اثنين جمع، تقول هشمت رؤسهما، وأُشبعت بطونهما، و ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ ولهذا قال: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ ولم يقل يداهما. وهذا هو الأفصح. حتى لا تكرر التثنية مرتين وهي ثقيلة. ويعتمد على الإضافة في بيان المعنى المراد وهو التثنية. ولو قيل: فاقطعوا يدهما لصح، ولكن الأول أفصح. والمراد: فاقطعوا يدا من الذكر وأخرى من الأنثى. فهاتان هما اليدان المطلوب قطعهما: على معنى أن الذكر تقطع يده إذا سرق، والأنثى تقطع يدها إذا سرقت. وستجد بيان ذلك في الشرح.