بيَّن الله تعالى، في الآيات السابقة: أن الكافرين - وهم في النار - يعادى بعضهم بعضا، ويتزايد الحقد بينهم، ويلقى بعضهم اللوم على بعض في كفرهم … وأَنَّ عذابهم في جهنم دائم لا نهاية له.
وجاءَت هذه الآية - وما بعدها - في إثر ذلك، لبيان أن مصير المؤمنين الجنة: خالدين فيها أَبدا، وأن نفوسَهم خالية من الغِلِّ، وأنهم أُورثوا الجنة بأَعمالهم … وبضدّها تتميز الأَشياءُ.
ومعنى الآية:
والذين آمنوا باللهِ وشرائعه المنزلة على رسله، وعملوا الصالحات - حسبما جاءَت في شرائعهم سهلة الأَداءِ - لأَن الله لا يكلف نفسا إلا ما تتسع له طاقتها - أُولئك المؤمنون الصالحون أصحاب الجنة الملازمون لها، هم فيها خالدون: لا يبرحونها ولا يُخْرَجُون منها.
أَي وأَخرجنا ما في صدورهم من حقدٍ وعداوة، بسبب أُمورٍ جرت بينهم في مطالب الدنيا، حتى تصفوَ المودَّة بينهم في نعيم الجنة، الذي هو صفوٌ كلُّه …
ويجوز أَن يكون المعنى: طهرنا قلوبهم وحفظناها من التحاسد على درجات الجنَّة، فلا يحسد أَحدهم أَخاه على منزلة أَعلى من منزلته، بسبب ما قدَّمه في الدنيا من عملٍ أحسنَ من عمله. وهذا في مقابل ما ذكر عن أهل النار من تخاصمهم …
والتعبير عن نزع الغلِّ. بصيغة الماضى - مع أَنه سيحدث يوم القيامة - للإيذان بتحققه ....
ويحتمل أَن المراد إزالته، بتوفيق الله تعالى قبل الموت، بعد ما حدث بمقتضى الطبائع البشرية، والمطامع الدنيوية.