وقالَ أَهل الجنة: الحمد لله الذي هدانا لهذا النعيم المقيم، بما وفقنا إليه من الإِيمان والعمل الصالح، وما كنا لنهتدىَ إليه لولا أن هدانا الله بتحبيب الإيمان إلينا، وتزيين الطاعة في قلوبنا.
ونودوا من قِبَلِ الله تعالى، بأَن نادتهم الملائكة. أو ناداهم الله تعالى تشريفا لهم، ورفعا لشأْنهم قائلا: تلكم الجنة الرفيعة القدر، العظيمة الشأْن البعيدة المدى، أُعطيتُمُوها بما كنتم تعملون، من الإيمان والعمل الصالح.
وعبَّر عن الإِعطاءِ بالتوريث: للإِيذان بكمال الاستحقاق، كما هو شأْن الميراث، بموجب ربط الله الجزاء بالعمل. وإن كانت الجنة في ذاتها أَعلى شأْنا من العمل، بل هو في جانبها لا يعتبر شيئا مذكورا، ولكن الله - بفضله - جعله سببا لاستحقاقها.
ويجوز أَن يكون التعبير عن إعطاءِ الجنة بتوريثها، للإِيذان بأَنهم نالوا الجنة دون كسب منهم موجب لها، كما ينال الوارث ما يرثه دون كسب، فإِن كسبهم - مع أنه لا يذكر بجانب الجنة - إنما كان بتوفيق الله ومعونته، ولولا ذلك ما حدث.
والباء في قوله تعالى: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾: تحمل - في هذا الوجه - على أَنها للسبب الْجَعْلِى من الله تعالى، لا للسبب الذاتى، لقوله ﷺ:"لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنكُمْ الْجَنَّةَ بعَمَلِهِ" أخرجه الصحيحان.