للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن كبار الشرِّيرين، هم الذين يضعون أُسس الشر، ليمكروا بالناس ويضلوهم عن سواءِ السبيل … وذلك أمر مشاهد ملموس .. فلا ينبغي للعاقل الفطن، أَن يتبع زعماءَ الشَّرِّ في غوايتهم. بل يتدبر فيما يعود بالخير على نفسه أَو على الناس فيتبعه، وفيسا يعود بالشر - عليه أَو عليهم - فيتنكب طريقه. فقد بين الله نَدَامَةَ الذين يتبعون الكبراءَ يوم القيامة فقال سبحانه: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ (١).

وإنما جعل الله أَكابر المجرمين في كل قرية ليمكروا فيها، امتحانا لعباده، كما امتحنهم بشياطين الجن، حتى يظهر الصادق في إِيمانه من الكاذب ويجزىَ الله كلاًّ بما هو أَهله.

وفي هذا المعنى يقول الله تعالى: ﴿ … وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً … ﴾ (٢).

﴿فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾:

وما يعود وَبَالُ مكرِهم إلا عليهم، وما يشعرون بذلك، لفرط جهلهم وقصر نظرهم.

قال تعالى: ﴿ … وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ … ﴾ (٣).

والآية مسوقة، لتسلية الرسول عما يلقاه من مكر عتاة المشركين.

﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤)﴾.

[المفردات]

﴿أَجْرَمُوا﴾: اكتسبوا جرما، والجرم: الذنب.

﴿صَغَارٌ﴾: ذل وهوان.


(١) سورة الأحزاب، من آية: ٦٧.
(٢) سورة الفرقان، من الآية: ٢٠
(٣) سورة فاطر، من الآية: ٤٣