للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٣٧ - ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾: بعد أن تناولت الآيات السابقة بالأَدلة القاطعة إِثبات وحدانية الله ، وقدرته وحكمته وتدبيره، جاءَت هذه الآية وما بعدها تبين استحالة أَن يكون القرآن مفترى من عند محمد نفيًا لما زعم المشركون.

والمعنى: ليس يصح في شأْن القرآن وهو على ما هو من العلو أسلوبًا ونهجًا وغاية، أَن يكون مفترى من عند محمد وأَعانه عليه قوم آخرون كما افتراه عليه المشركون، فإِن هذا غير ممكن فهو ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ (١) فانظر إِليه في أسلوبه ومعانيه واتساق آياته، وفيما جمع من تشريعات. وعقائد وأَخلاق وآداب، وحكم وأَمثال وكشوف غيبية وحقائق علمية، جاءَت في أَقصى درجات الفصاحة والبلاغة والدّقة، وفي أَنماط سامية وآفاق عالية، فإِنك تقطع بأَنه لا يقدر على الإتيان بمثله أَحد من الإِنس والجن ﴿وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ (٢) وتتأكد أَنه من عند الله وحده ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (٣).

﴿وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾: أَي ولكن أَنزله الله مصدقًا وموافقًا لما تقدم من الكتب السماوية، في أُصول العقائد والأَحكام قبل أَن يعتريها التحريف، مصححًا للعقائد التي عبثت بها أَهواءُ القسيسين والأَحبار والرهبان حيث ردها القرآن إِلى التوحيد الخالص.

﴿وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾: أي وأَنزله أيضًا تفصيلا لما أَجملته الكتب السماوية السابقة من عقائد وتشريع ومواعظ ومن شئون الاجتماع وسنن الله في خلقه وزادها تكميلا، فلا محل لأَى شك في أَنه كلام الله رب العالمين، الذي تعهد النوع الإِنسانى بالتربية والتعليم والهداية.


(١) سورة هود من الآية: ١
(٢) سورة الإسراء من الآية: ٨٨
(٣) سورة النساء من الآية: ٨٢