للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَظُنُّونَ﴾: هي هنا بمعنى، يوقنون بالبعث، على حدِّ قوله تعالى: ﴿إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ (١).

﴿مُلَاقُو اللهِ﴾: أي مبعوثون إليه.

﴿بَرَزُوا﴾: ظهروا واصطفوا للقتال، على بارز من الأرض.

[التفسير]

٢٤٩ - ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ … ﴾ الآية.

فلما خرج طالوت بالجنود من بيت المقدس، لقتال أعدائهم، قال لهم: إن الله مختبركم وممتحن مقدار صدقكم - في لقاءِ عدوكم، واستجابتكم لأوامر قائدكم - ﴿بِنَهَرٍ﴾ يعترض طريقكم: أطلب منكم عدم الشرب منه، ليظهر منكم المطيع والعاصي، فإن طاعة القائد شرط أساسي للنصر، فمن غلبته شهوته وشرب من مائه، فليس من أتباعي: لأنه إذا عصاني اليوم، فهو أحرى أن يعصي أمري وقت اشتداد الحرب، فتحدث الهزيمة. ومن لم يذق ماءَه استجابة لهذا الأمر وصبر، لإنه مِنِّي، ضالع معي في لقاء العدوّ، والرغبة في الانتصار عليه.

ثم استثنى من القسم الأول وهو: من شرَب من النهر فقال: (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) يبلُّ بها ريقه في هذه الفلاة وشدة العطش، فلا بأس عليه في ذلك.

قالوا - في حكمة الأمر بالاكتفاء بالغرفة - إنه اختبار لطاعتهم كما تقدم، كما أن فيه سلامة الجندي، فإن الإسراف في الشرب - عند مناجزة العدو - يضر ضررًا بليغًا.

﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ﴾:

أي: فلم يمتثلوا ما أمرهم به طالوت، بل شربوا منه أكثر مما أمرهم به، إلا قليلًا منهم، نفذوا أمره فاغترف كل واحد منهم لنفسه غرفة واحدة.


(١) الحاقة: ٢٠