المعنى: فلما جاوز طالوت النهرن وتركه هو والذين آمنوا معه، وهم القليل الذي نفذ أمره، وصدق إيمانه بربه، ونظروا إلى كثرة عدوهم وهم قليلن فأوجس بعضهم خيفة، وقالوا ﴿لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ﴾ بقتال ﴿جَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾ أي: لا قدرة لنا على محاربتهم، فضلًا عن غلبتهم. وهؤلاء - وإن كانوا من المؤمنين معه، المنفذين لأمره في اغتراف الغرفة - إلا أنهم قالوه إظهارًا لواقع الحال، ورجاءَ المعونة من الله، وليس نكوصًا وامتناعًا عن القتال.
أي كم من جماعة - قليلة العدد والعُدد - استعصمت بإيمانها بالله، وتوكلت عليه - غلبت فئة كثيرة العدد والعُدد، بإرادة الله ونصره؟ فإن النصر من عند الله، لا بكثرة الجنود. فلا ينبغي لنا أن نستقل أنفسنا فنجبن عن لقاءِ عدونا.
ثم ختمت الآية بهذه البشرى: ﴿وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ): أي معهم بالنصر والتأييد.
وهذه الجملة إما: من جهته - تعالى - تقريرًا لكلامهم، ودعاء للسامعين إلى مثل حالهم، وإما من كلام هؤلاء الذين يظنون أنهم ملاقو الله، قالوها تشجيعًا وترغيبًا في الصبر.