للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾ (١): أَي أَن الشيطان مبالغ في ترك نصرة الإِنسان وإعانته.

[التفسير]

٢٧ - ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾:

قيل: إن (ال) في الظالم للعهد، ويراد به هنا: عقبة بن أَبي معيط، ويراد بفلان المذكور في الآية التالية: أُبى بن خَلف.

قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: كان عقبة بن أَبي معيط قد هم بالدخول في الإِسلام فمنعه منه أبيّ بن خلف وكانا صديقين، وقد قتلهما النبي قتل عقبة يوم بدر صبرا، وطعن أَبيّ بن خَلف في المبارزة يوم أُحد فرجع إلى مكة ومات وقد ذكر ذلك القشيرى والثعلبى سببا في نزول الآيتين.

والظاهر: أَن ال الظالم للجنس، فيعم كل ظالم، ويدخل فيه عقبة بن أَبي معيط دخولا أَوليا، وأَن فلانا: كناية عن كل خليل ظالم من شياطين الإِنس والجن، وعموم اللفظ لا ينافيه خصوص السبب (٢).

والمعنى: أَن كل ظالم فارق الصراط المستقيم، وأَعرض عما جاءَ به الرسول من الحق البيِّن الذي لا مرية فيه فإنه يندم يوم القيامة حيث لا ينفعه الندم، ويعض على يديه، ويطبق أَسنانه على أَنامله حزنًا وألمًا شأْن المَغِيظ المُحْنَقِ.

﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾: في الدنيا باتباع أَوامره، واجتناب نواهيه، وبذل كل جهد في نصرة الدين دفاعًا عنه، وحفاظًا على أَهله، حتى يكون ذلك العمل طريقًا إلى الجنة، وجملة ﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي .. ﴾ إلخ في مَوضع الحال من الظالم، أو مستأْنفة بيانا لما قبلها.


(١) وفعله من باب قتل، يقتل، يقال: خذله وخذل عنه: ترك نصرته، فهو خاذل خذلة كهمزة، وخذول للمبالغة.
(٢) وقال القرطبى: هو أمية بن خلف.